اختتمت جامعة بيت لحم أعمال مؤتمر بيت لحم الدولي الثاني الموسوم “الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني، نحو حفظ تراثنا من الاستحواذ والتدمير”، الذي تم عقده يومي الثلاثاء والأربعاء، 19-20 تشرين الثاني 2024 في حرم الجامعة.
وقد اشتمل اليوم الأول على خمس جلسات تمحورت حول مواضيع الأثار والتاريخ وموضوع الإبادة التي تحصل في قطاع غزة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى مواضيع تتعلق بالاستحواذ والتدمير الذي يتعرض له التراث الثقافي الفلسطيني، والقرى الفلسطينية المهجرة، إضافة إلى النقوش الأثرية ودير القديس هيلاريون في غزة والمتاحف والموروث الثقافي والهوية.
وتم استكمال مواضيع المؤتمر في اليوم الثاني بخمس جلسات أخرى، تناولت موضوع تدمير الآثار والتراث الثقافي في قطاع غزة، والمداخل المختلفة لدراسة التراث الثقافي، وحفظ التراث الثقافي والمخطوطات والذاكرة والقانون والمطبخ الشعبي، بالإضافة إلى الأرشيفات واللهجة وحفظ الرواية، وتوثيق التراث الثقافي في فلسطين.
ترأس الجلسة الأولى، موسى الربضي مدير معهد الشراكة والتشبيك المجتمعي في الجامعة، حيث كان المتحدث الأول الدكتور عبد اللطيف أبو هاشم من غزة والذي تحدث عن التدمير المقصود للآثار الإسلامية المسيحية في مدينة غزة خلال الحرب الأخيرة. بينما تناولت المحاضرة الثانية موضوع الأهمية التاريخية والأُثرية للمباني التراثية والأثرية التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في غزة وضرورة إعادة ترميمها. وقد قدم هذه المحاضرة الدكتور أيمن حسونة وهو من غزة أيضًا. وقد عرض المقدمون صورًاً للعديد من المبانِ التاريخية والتراثية قبل الحرب وبعد التدمير.
من جهتها، فقد سلطت الباحثة دعاء ياسر الدوايمة الضوء في مداخلتها على أهمية توثيق الموروث الثقافي في مدينة غزة من خلال الصور قبل الحرب وبعدها. واختتمت الجلسة الأولى بعرض قدمه الدكتور وائل حمامرة من وزارة السياحة والآثار الفلسطينية حول تنقيبات الاحتلال في مواقع التراث الثقافي الفلسطيني، حيث بين حمامرة أن معظم المستوطنات الإسرائيلية قد أقيمت فوق أثار قديمة وتم تدمير معظمها.
اما الجلسة الثالثة التي أدارها الدكتور بلال سلامة، المحاضر في دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم، فقط اشتملت على أربع مداخلات من قبل الدكتور حسين مدينة الذي تحدث عن أهمية العلوم المساندة في حقل الآثار في إثبات علم النباتات القديمة في فلسطين، تلاه مداخلة قدمها الأستاذ أحمد أسعد من دائرة العلوم الإنسانية في الجامعة، والذي تحدث عن جمعية إنعاش الأسرة ودورها في التدوين الاثنوغرافي الفلسطيني والتي حملت عنوان الموروث الثقافي في عهدة أهله: جمعية إنعاش الأسرة مدونة للاثنوغرافيا الفلسطينية.
تلا ذلك محاضرة للحكواتي الشعبي حمزة العقرباوي والذي أضاء على المطبخ الشعبي الغزي وبالتحديد عن ثقافة الطعام ودوره في حفظ الذاكرة وصياغة الهوية الفلسطينية. وقدم عقرباوي عرضًا لبحث عمله عن المطبخ الغزي يبين عمق التراث الثقافي غير الملموس الذي يؤكد على عراقة المطبخ الغزي وتنوعه على مدى العصور.
واختتمت الجلسة الثانية بمحاضرة من قبل الدكتور منصور نصاصرة حول مدينة بئر السبع وشبكة علاقاتها مع غزة ومدن الساحل الفلسطيني قبل النكبة.
استمرت فعاليات المؤتمر في الجولة الثالثة بمحاضرة هامة قدمها الدكتور يوسف النتشة مدير السياحة والآثار في دائرة الأوقاف الفلسطينية سابقا، حول دور مركز ترميم المخطوطات في دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة غزة في صيانة مجموعة مخطوطات المسجد الأقصى المبارك ومصاحفه وحفظها. وتطرق النتشة إلى الصعوبات التي تواجه المركز مثل شح المواد الخام والأدوات المطلوبة لترميم هذه المخطوطات الهامة.
تلا ذلك مداخلة حول الأوضاع الاجتماعية والدينية للنصارى في مدينة غزة في أواخر العهد العثماني من خلال سجلات المحاكم الشرعية، قدمتها حنين العمصي المديرة التنفيذية لمؤسسة “عيون على التراث” في غزة. وتحدثت العمصي عن طبيعة العلاقة التي تربط المسيحيين والمسلمين في قطاع غزة، مشددةً على كون المسيحيين جزء أصيل من المجتمع الفلسطيني وانهم يعتمدون على الشريعة الإسلامية من خلال المحكمة الشرعية لفض الخلافات وتقسيم الورث وغيره.
ومن جهتها، تحدثت الدكتورة مارشيلا ورد المحاضرة في الدراسات الكلاسيكية في الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة، وهي كاتبة وباحثة في مواضيع تخص العالم القديم. وتحدثت “ورد” حول التواطؤات الكلاسيكية وبشكل خاص، مواجهة الكلاسيكية والصهيونية وغيرها من الأدوات التاريخية للإبادة الجماعية. ونوهت الدكتورة “ورد” إلى الفرق في رد الفعل في الغرب عندما قام تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بتدمير اثار في سوريا، بينما لم يحركوا ساكنًا عندما دمرت إسرائيل العديد من المواقع الأثرية في فلسطين.
واختتمت الجلسة الثالثة بمحاضرة للدكتورة لينا خميس أستاذة العلوم السياسة في جامعة بيت لحم والتي تطرقت في محاضرة حول القانون الدولي وحماية التراث الثقافي غير المادي، مع تركيز خاص عن فلسطين. واعتبرت خميس أن ما يحدث في فلسطين من تدمير للآثار يعتبر إبادة أثرية، كما تطرقت إلى وجوب حماية الأثار من قبل المجتمع الدولي كما نص عليه القانون الدولي الإنساني.
أما الجلسة الرابعة فقد تضمنت مواضيع حول الأرشيفات والذاكرة واللهجات والتراث كمداخل لحفظ الرواية. أدار الجلسة بهاء الجعبة، وتحدث فيها كل من سعيد بدوي، حول الأرشيف الرقمية لفلسطين ما بين الازاحة والاستدامة. كما كان هناك عرض لعمل مشترك لهبة عمري ودانية عباسي وباسل ناصر، الأرشيف والحرب على التراث المادي الفلسطيني بين التوثيق والممارسة. وبدورها تحدثت صفاء صبابحة استاذ الجغرافيا الاقتصادية المساعد في جامعة الحسين بن طلال في الأردن عن دور المتاحف الأردنية في حفظ التراث الثقافي الفلسطيني.
وفي الجلسة الخامسة تحدث كل من إيهاب الأفندي ورافايلا دي ماركو عن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتعزيز التوثيق الرقمي والجولات الافتراضية للتراث الثقافي الفلسطيني، تلاها مداخلة من الباحثة روزانا سيرجنانو حول “هيلما غرانكفيست والمقاومة الثقافية الفلسطينية، فيما تناولت محاضرة للباحث أكرم عجلة موضوعة استعادة التراث الثقافي والطبيعي في غزة بعد الحرب.
واختتم المؤتمر بمجموعة من التوصيات اشتملت على:
- الاستمرار في عقد المؤتمرات المتخصصة في مجال الأثار والتراث الثقافي الفلسطيني.
- الاستمرار في نهج أهلنة منهجيات البحث في مجال الاثار والتراث الثقافي الفلسطيني
- تعزيز ثقافة البحث العلمي في مجالات الأثار والتراث الثقافي.
- التشبيك ما بين المؤسسات الرسمية والأهلية والخاصة في رعاية ودعم وحماية التراث الثقافي.
- التراث الثقافي الفلسطيني جزء من هويتنا وحضارتنا والجميع مطالب بحمايته وحفظه وصيانته.
- التأكيد على دور الشباب والطلاب المسؤول في حمل راية الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني
- تعزيز دور المجتمع المحلي من خلال التوعية والتشبيك والتعاون في مجالات حفظ التراث الثقافي الفلسطيني.
- التأكيد على دور الجامعة في خدمة المجتمع المحلي والمقولة الثقافية الوطنية.