من أجل مجتمع مقاوم مدعم بشبكة أمان اجتماعية وتحررية
تدعوكم دائرة العلوم الاجتماعية في كليةالآداب في جامعة بيت لحم والمجلس العربي للعلوم الاجتماعية – نقطة التواصل فلسطين لتقديم اوراق بحثية للمشاركة في منتدى الخدمة الاجتماعية النقدية في فلسطين: من أجل مجتمع مقاوم مدعم بشبكة أمان اجتماعية وتحررية
تواريخ مهمة:
- موعد المنتدى: 23 – 24 نيسان 2025
- آخر موعد لتقديم الأوراق بتاريخ 15 كانون الثاني 2025
مقدمة عامة حول المنتدى
تعتبر الخدمة الاجتماعية في فلسطين جزءً من عملية التحرر من الاستعمار، حيث سعت المؤسسات الفلسطينية الأكاديمية والمجتمعية منذ إنشائها لإيجاد بنى اجتماعية محلية تساهم في صمود المجتمع وتحرره من خلال التدخلات المختلفة.
الخدمة الاجتماعية في فلسطين تعتبر إحدى طرق تنظيم المجتمع للاستجابة وللتعامل مع الظروف الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني بسبب وقوعه تحت استعمار كولونيالي استيطاني، فلا تقتصر على تقديم الخدمات الاجتماعية والنفسية للأسر وللأفراد، بل تعمل أيضاً على إيجاد وسائل بديلة للعمل المجتمعي لتعزيز الصمود والمناعة المجتمعية في وجه سياسات الاحتلال.
إنّ العمل الاجتماعي في فلسطين لا يفصل بين الشرط الاستعماري وإكراهات الواقع الاجتماعي الاقتصادي، الذي يتمظهر من خلال التغييرات البنيوية والتحديات اليومية على الأرض، مثل السياسات والقوانين والإجراءات التي يفرضها الاحتلال والتي تؤثر على حياة الأسر الفلسطينية من ناحية هيكليتها وتماسكها والضغوط التي ترزخ تحتها، بالإضافة إلى الإلحاق والتبعية الاقتصادية لنمط العمل والأجور ومحددات الاستهلاك، وصولاً لاختيار مكان العيش والتواصل، فيما يتواصل الصراع على المكان والأرض الفلسطينية، من البيت والحي والمشهد والمجتمع بأكمله.
تصاعدت سياسات الاستعمار، والتي تسعى إلى تفكيك الهندسة الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني من خلال عدد من سياسات وممارسات التطهير المكاني والاجتماعي، وصولاً إلى حرب الإبادة الجماعية التي ما زال تشن على الفلسطينيين في قطاع غزة، وبشكل أقل كثافة في الضفة الغربية ولبنان، لتمثل تجلياً واضحاً لعقيدة الاستعمار الأساسية؛ المحو والإبادة، بحيث توجه سياسات المحو والإبادة نحو الإنسان الفلسطيني أينما تواجد، ولكافة وسائل حياته ونجاته، أي المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والصحية، والبنى السكنية والبنى التحتية، والكوادر المتخصصة، والفضاءات العامة، والأبنية التاريخية والأثرية، في محاولة لاستكمال وتعميق نكبة عام 1948، وتحقيق التطهير الكامل لفلسطين من الفلسطينيين/ات. حيث تم فرض عدة اجراءات منها سياسة العقوبات الجماعية وسياسات الفصل العنصري، ومصادرة الأراضي، ومحاصرة العمل الجمعي المؤسساتي وتجريمه وتفكيكه، في محاولة لتفكيك المجتمع الفلسطيني على الصعيد الجمعي والفردي، وتبني ممارسات يومية “تطبع” مع أهداف الهندسة الاجتماعية وإعادة تشكيل الوعي بما يتناسب مع أهداف الاستعمار الإحلالية.
إن هذه الممارسات جعلت من الخدمة الاجتماعية مجالاً حيوياً للتأقلم والصمود، إذ لا يمكن للإنسان الفلسطيني الصمود دون قدرة على التعامل والتجاوب مع كافة الخسارات المؤلمة والمنهكة على الصعيد الإنساني والمادي والعملي، وهي مجال حيوي عابر للفرد إلى الجماعة، بحيث تتجمع الخبرات المتراكمة للخدمة الاجتماعية من خلال العمل مع الفرد وصولاً إلى كيفية التعامل مع الجماعة والمجتمع، بما أن حجم الخسائر البشرية هائلة ومؤلمة، وتصبح أدوات العمل جماعية بقدر ما هي فردية.
يفتح هذا سؤالاً فلسطينياً خالصاً حول كيفية النظر إلى الخدمة الاجتماعية بصفتها محاولة صمود ومقاومة فلسطينية تستند إلى الفهم العميق للعلاقات الاجتماعية للذات، الأسرة، الجماعة، والمجتمع، بما هي معالجة صريحة للخسائر المتراكمة، وصمود مستمر هادف إلى الانعتاق والتحرر، ويعطي معناً أوسع من الثمن المدفوع والخسارة ويفتح باباً حول مستقبل مختلف للفلسطيني/ة.
يعد الاخصائي الاجتماعي جزءً من المجتمع الفلسطيني، وهو جزء من عملية الصراع والمواجهة، ويعاني من كونه مقدّم الخدمة والضحية بذات الوقت. يتعرض الاخصائيون الاجتماعيون في كثير من الأحيان لمجموعة من المعوقات الناتجة عن سياسات وإجراءات الاستعمار، مثل الاعتقال، وصعوبة التنقل، والاعتداء المباشر، وإغلاق المؤسسات الاجتماعية، والبنية القانونية والاجراءات الناظمة للمهنة، مما يجعل من قدرة الاخصائي الاجتماعي على تعزيز مجتمع أكثر عدالة وقوة أصعب، ويزيد من تقاطع الفعل الاجتماعي والفعل السياسي المقاوم.
من هنا يأتي العمل الميداني في المجتمع الفلسطيني بهدف خلق بدائل محلية وممارسات على الأرض تعملان ضمن مبادئ الخدمة الاجتماعية، وتوسع الممارسة لتتضمن ممكنات العمل في سياق استعماري يتوجه للفرد والمجتمع في آن واحد، الأمر الذي يتطلب توسيع وتطوير مفاهيم ومنظور الخدمة الاجتماعية فلسطينياً وعالمياً. هنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ هناك ضعف في توثيق تطور الخدمة الاجتماعية في فلسطين، وإلى أنّ التركيز الغالب هو على الممارسات العملية وتطورها مع إهمال الجانب النظري، كون الجميع منغمس في التصدي للأوضاع السياسية القائمة دون الاهتمام بتوثيق التجربة والبناء عليها والتعلم منها.
لهذا، ومن منطلق ثراء وتنوع التجربة والخبرة المهنية التي مورست في المجتمع الفلسطيني، انبثقت فكرة تطوير وتوثيق تجربة الخدمة الاجتماعية في سياق الاستعمار الإحلالي الاسرائيلي وتحويل الممارسات العملية إلى مادة نظرية وفكرية لتكون مرجعاً لسياقات أخرى، ولتعطى الخدمة الاجتماعية قيمة وغنى للأدوار المتنوعة التي تلعبها في التصدي للظروف المختلفة التي يمر بها الشعب الفلسطيني. بالتالي، فإنّنا نعمل من خلال هذا المنتدى على توثيق كل من: النظريات التي يتم استخدامها وكيفية تحليلها وتطبيقات هذه النظريات، والممارسة العملية على الأرض ونماذج التدخلات في السياق الاستعماري، وتدخلات الخدمة الاجتماعية التي تسعى لتحرر الفرد والمجتمع في آن واحد. وعليه، سيكون هناك استقطاب لمجموعة من أوراق البحث العلمية، بالإضافة إلى شهادات وتجارب من قبل اختصاصيين اجتماعيين فاعلين في الميدان.