هل يمكن للوحدة والتنوع في الإنسان والطبيعة المساعدة في إعادة تشكيل عالمنا بعد جائحة فيروس كورونا؟
بعد أن تراجع اقتصاد دول العالم وأصبحت الأنظمة الصحية على حافة الانهيار في كثير من البلدان أصبح جلياً بأن العالم يواجه كارثة عالمية بسبب جائحة كوفيد-19.
هنالك سؤال يشغل تفكير كثير من الناس وهو “كيف سيصبح العالم بعد الجائحة؟”. لكن علينا أن نذكر أن العالم لم يكن يسير في المسار الصحيح حتى قبل الجائحة وكان يواجه تحديات جمة، منها تحديات عدم الاستقرار الجيوسياسي وخطر الحرب النووية الى ازمة المناخ ومعدلات الفقر وعدم المساواة. هذه قضايا تتفاقم بشكل متسارع في ظل جائحة كوفيد-19 وتضعنا أمام تساؤل أساسي وهام: ما الذي يمكن عمله؟
في فلسطين تم البدء بمشروع فريد من نوعه قبل ان تكتسح الجائحة المنطقة. الهدف من مشروع “الوحدة والتنوع في الطبيعة والمجتمع” هو دعم النظم الإنسانية والطبيعية من خلال تعزيز و تثمين التنوع الزراعي و الطبيعي و الانساني.
ويقوم هذا المشروع بالشراكة ما بين المعهد الفلسطيني للتنوع البيولوجي والاستدامة في جامعة بيت لحم والمركز الفلسطيني للتقارب بين الشعوب وجمعية الجليل (الجمعية العربية الوطنية للأبحاث والخدمات الصحية) وبدعم من مبادرة الاتحاد الاوروبي لبناء السلام. وخلال هذا المشروع، سيقوم الشركاء الثلاثة بتأسيس ثلاث مراكز اساسية: مركز التنوع الحيوي في بيت لحم ومركز التنوع البشري في بيت ساحور ومركز التعليم في شفا عمرو، على ان تعمل هذه المراكز الثلاثة على تعاون طويل الأمد.
وفي هذا السياق تقول مديرة المشروع ليندا مَجَج أن العمل المشترك بين الشركاء ومع المجتمع المحلي سيعزز ويطور جهود بناء السلام العادل والدائم من خلال تنمية الاحترام لللآخرين وللطبيعة. حيث سيعزز مركز التنوع الحيوي البحث العلمي التطبيقي باتجاه استدامة النظامين البيئي الطبيعي والانساني على حد سواء. كما سيعمل كل من مركز التنوع الانساني والمركز التعليمي بطرق مماثله لتعزيز التغير السلوكي بين طلاب المدارس والجامعات وكذلك بين أفراد المجتمع الذي يحث على تطوير المسؤولية المجتمعية تجاه الاخر وتجاه بيئتنا المحيطة.
ويُعدّ هذا المشروع امتداداً لمجموعة مشاريع سابقة تهدف للحفاظ على البيئة عن طريق التعاون مع المواطنين والأطراف المعنية من منظمات غير حكومية ومؤسسات حكومية. تزامنا مع ذلك يُنفذ حاليا مشروع آخر ممول من بلجيكا وبالتعاون مع سلطة جودة البيئة يربط المواطن مع مجتمعه وبيئته. وقد اختارت وزارة المالية الفلسطينية و سلطة جودة البيئة مركز التنوع الحيوي (كمشروع المركز الأول) لتنفيذ مشروع إعداد التقرير الوطني السادس تلبيةً لاحتياجات التوقيع على المعاهدة الدولية للتنوع الحيوي وأيضا إصدار خطة عمل وطنية محدَثة للتنوع الحيوي في فلسطين (تم اعداد آخر خطه في العام 1999). وحسبما أفاد البروفيسور مازن قمصية، مؤسس ومدير معهد فلسطين للتنوع الحيوي بأنهم سينفذوا المشروعان بمشاركة جميع الجهات المعنية ( الحكومية والمجتمع المدني). وأن مواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين تتطلب الكثير من العمل من فئات المجتمع المختلفة.
وأضاف قمصية بأن فلسطين تعاني من الاحتلال والاستيطان ويتوجب العمل على إنهاء ذلك وعدم التكيف والتطبيع معه وأن أحد الطرق الناجحة لذلك هو العمل الجماعي على تنمية الاحترام: احترام أنفسنا واحترام الأخر(بغض النظر عن انتماءاتهم) وكذلك احترام الطبيعة (الحياة النباتية والحيوانية).
واذا اردنا ان نبني عالم ما بعد كوفيد-19، فان الاستدامة والعدالة وحقوق الانسان تبقى عناصر جوهرية رئيسية متفق عليها كالأهداف السبعة عشر للأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ونرى بأن هذا المشروع يتناول العديد من هذه الأهداف مثل تلك المتعلقة بالمحافظة على البيئة و التنوع الحيوي. مع ذلك، فان الجائحة الحالية أضافت لنا اصراراً وبعداً جديدين يدفعانا الى العمل بجدية أكثر لنحقق بشكل جماعي الاستدامة وذلك عن طريق الوحدة والتنوع في المجتمعات الانسانية والطبيعية.